تراجع سعر الدولار، الأخضر يخسر 10% خلال شهرين ما الأسباب وراء الانخفاض السريع

شهدت الأسواق المالية العالمية تراجع سعر الدولار بنسبة تجاوزت 10% خلال 60 يوما فقط، وهو ما يُعد أحد أسرع الانخفاضات في قيمة العملة الأمريكية منذ عقود.

الهبوط الحاد في قيمة الدولار لم يكن بسبب عامل واحد، بل جاء نتيجة مجموعة من المتغيرات الاقتصادية والسياسية، منها تصاعد التوترات التجارية، وارتفاع الدين القومي، وهروب المستثمرين من الأسواق الأمريكية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الذهب وعودة مؤشرات انهيار الأسواق.

فيما يلي نرصد الأسباب التي تقف خلف تراجع سعر الدولار بهذه السرعة والقوة.

الحرب التجارية وهروب رؤوس الأموال

بدأ التراجع الحاد في قيمة الدولار مع تصاعد سياسات الحماية التجارية، التي قادها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأشعلت حربًا تجارية شرسة مع الصين وأوروبا.

النتيجة كانت هروب ثروات ضخمة من الأسواق الأمريكية، حيث قام كبار المستثمرين بالتخارج من بورصات وول ستريت، موجهين أموالهم إلى بورصات الصين وأوروبا.

كما فتح الأثرياء الأمريكيون حسابات جديدة في البنوك السويسرية، ما شكّل موجة سحب غير مسبوقة من القطاع المصرفي الأمريكي.

ارتفاع قياسي في الدين العام الأميركي

يُعد الدين الوطني الأمريكي أحد أبرز أسباب تراجع سعر الدولار، فقد تجاوز الدين العام حاجز 34 تريليون دولار، وهو ما يمثل 120% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير تقديرات إلى أن نحو 9 تريليونات دولار من الديون مستحقة خلال العام المقبل، مما يزيد من احتمالات العجز عن السداد أو الحاجة للاقتراض المكثف، وبالتالي تهديد استقرار الدولار.

فقدان الثقة في السياسة النقدية

القلق المتزايد بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي والسياسات النقدية المتقلبة زاد من التوتر بين المستثمرين.

البنك الاحتياطي الفيدرالي لم ينجح في طمأنة الأسواق، ومع تصاعد الحديث عن أزمة محتملة، سحب المستثمرون أموالهم من الأصول المقومة بالدولار، خاصة سندات الخزانة، ما أدى إلى تراجع إضافي في سعر الدولار.

الذهب يصعد مع تراجع الدولار

بالتزامن مع تراجع سعر الدولار، ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، من 2950 دولارًا قبل تنصيب ترامب إلى 3433 دولارًا للأونصة.

هذا الصعود يعكس تحوّل المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن وسط تصاعد المخاوف.

وحسب خبراء، فإن هذا الاتجاه عادة ما يسبق انهيارات كبيرة في أسواق الأسهم، ما يزيد من تعقيد المشهد المالي الأميركي.

التخلي العالمي عن الدولار

تسارع دول مثل روسيا، والهند، والصين في التحول نحو التسوية التجارية بعملاتها المحلية، حيث باعت موسكو النفط بالروبل، وتطالب نيودلهي بالدفع بالروبية، وتتفاوض بكين على تسديد شحنات النفط باليوان.

هذا الاتجاه يُضعف من الطلب العالمي على الدولار، ويقلل من هيمنته كعملة احتياطية، مما يؤدي إلى تراجع سعر الدولار بشكل مستمر.

مؤشرات انهيار الأسواق المالية تعود للنشاط

عاد مؤشر يُعرف باسم "محفّز الانهيار"، إلى النشاط مجددًا بعد سنوات من السكون، وهو المؤشر نفسه الذي سبق أن أشار إلى انهيارات كبرى مثل أزمة 2008.

تنشيط هذا المؤشر يُعد إنذارًا باضطرابات مالية محتملة قد تزيد الضغط على الدولار، وتُسرّع من تحوله نحو مستويات أقل.

محللون يحذرون: قد نشهد بداية لانهيار الدولار

الخبير المالي الأميركي جراهام سمرز من شركة "فونيكس كابيتال ريسيرش"، حذر من أن تراجع سعر الدولار الحالي قد يكون البداية فقط، مشبهًا ما يحدث بما جرى للجنيه الإسترليني بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي مقال مطول عبر موقع "زيرو هيدج"، أشار إلى أن السياسات الحالية قد تؤدي إلى فقدان الدولار لمكانته العالمية، إذا استمرت موجات الخروج من الأصول الأميركية.

تراجع سعر الدولار ليس مجرد تقلب... بل بداية تغيير اقتصادي

الهبوط السريع في سعر صرف الدولار ليس فقط نتاج ظروف مؤقتة، بل نتيجة تراكمات اقتصادية وسياسية عميقة.

من الحرب التجارية، إلى الدين العام، إلى سلوك المستثمرين، كلها عوامل تهدد الاستقرار النقدي الأميركي.

ومع استمرار الضغوط، قد يكون العالم على أعتاب نظام مالي جديد تتراجع فيه مكانة الدولار لصالح عملات وأصول أخرى مثل الذهب واليوان.

سعر الدولار في مصر

وفي مصر شهد سعر الدولار تراجعًا أمام الجنيه المصري خلال الأسبوع الأخير من أبريل 2025، حيث انخفض من مستويات تجاوزت 51.15 جنيهًا إلى نحو 50.98 جنيهًا للشراء و51.08 جنيهًا للبيع في بعض البنوك، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري .​

تحليل العلاقة بين تراجع الدولار عالميًا وتراجعه في مصر

العوامل المحلية المؤثرة على سعر الدولار في مصر، فبالإضافة إلى التراجع العالمي للدولار، هناك عوامل محلية ساهمت في انخفاض سعره أمام الجنيه المصري منها:

تحسن الموارد الدولارية: زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتحويلات المصريين بالخارج.

السياسات النقدية: إجراءات البنك المركزي المصري لدعم الجنيه.​

مع استمرار العوامل العالمية والمحلية المؤثرة، من المتوقع أن يظل سعر الدولار أمام الجنيه المصري في حالة تذبذب، مع احتمالية لمزيد من التراجع إذا استمرت الضغوط على العملة الأمريكية.​