اقتصاديون يعدلون توقعاتهم لنمو الاقتصاد المصري وسط تصاعد المخاوف العالمية

عدل اقتصاديون توقعاتهم لنمو الاقتصاد المصري لعامي 2025 و2026، بسبب تصاعد التوترات التجارية العالمية وتراجع الثقة في بيئة الاستثمار، بحسب استطلاع أجرته رويترز.
 

تباطؤ متوقع في النمو الاقتصادي بسبب التوترات التجارية العالمية

أظهرت نتائج استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز"، أن مجموعة من كبار الاقتصاديين قاموا بتعديل توقعاتهم لنمو الاقتصاد المصري خلال العامين الماليين الحالي والمقبل، متأثرين بعدة عوامل على رأسها تصاعد التوترات التجارية العالمية، وفرض الرسوم الجمركية الأمريكية، إلى جانب توقعات تباطؤ النمو العالمي.

بحسب الاستطلاع الذي شمل 17 اقتصاديًا خلال الفترة من 9 إلى 23 أبريل، فإن متوسط النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي المصري للسنة المالية الحالية 2025/2024 أصبح 3.8%، بانخفاض طفيف عن التقديرات السابقة التي صدرت في يناير الماضي، والتي توقعت نموًا بنسبة 4%.

أما بالنسبة للسنة المالية التالية 2026/2025، فقد تم خفض التوقعات من 4.7% إلى 4.6%.

الرسوم الأمريكية تضغط على الاقتصاد المصري

أوضحت سري فيرينشي كاديالا، الخبيرة الاقتصادية ببنك أبوظبي التجاري، أن الآثار غير المباشرة للتوترات التجارية بدأت تنعكس على الاقتصاد المصري من خلال تراجع ثقة المستثمرين وضعف النشاط التجاري، وهو ما يزيد من الضغوط الواقعة على بيئة الأعمال في مصر، لا سيما في ظل ارتفاع مستويات الديون الخارجية.

من جانبه، أشار إيفان بورجارا، الاقتصادي في معهد التمويل الدولي، إلى أن مصر قد تكون بمنأى نسبيًا عن الأثر المباشر للرسوم الجمركية الأمريكية نظرًا لانخفاض حجم التبادل التجاري بينها وبين الولايات المتحدة، إلا أن التأثير الحقيقي قد يأتي من تباطؤ الاقتصاد الأوروبي، وهو الشريك التجاري الرئيسي لمصر.

التضخم يتراجع تدريجياً مع تحسن النمو في الربع الثالث

رغم التحديات، تشير التقديرات إلى تراجع تدريجي في معدلات التضخم، فوفقًا للاستطلاع، من المتوقع أن يبلغ متوسط معدل التضخم السنوي 20.48% بنهاية السنة المالية الحالية، قبل أن ينخفض إلى 12.2% في العام المالي التالي.

بيانات البنك المركزي أظهرت أن النمو الاقتصادي خلال السنة المالية 2023/2024 انخفض إلى 2.4% مقارنة بـ3.8% في العام السابق، متأثرًا بأزمة العملة والحرب في غزة، التي أضعفت إيرادات قناة السويس وأثرت سلبًا على حركة السياحة. 

ومع ذلك، كشفت التقديرات الأولية أن الاقتصاد المصري بدأ يستعيد زخمه، حيث تجاوز معدل النمو في الربع الثالث من السنة المالية الجارية نسبة 4.3% التي سجلت في الربع السابق.

وتوقعات بتحسن الجنيه والفائدة

استفاد الاقتصاد المصري من اتفاق موسع مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى حصوله على تمويلات استثمارية من الإمارات بقيمة 24 مليار دولار ضمن مشروع رأس الحكمة التنموي الضخم في منطقة الساحل الشمالي

وبعد تنفيذ تعويم تدريجي للجنيه المصري، أصبح يُتداول حالياً بالقرب من 51 جنيهاً للدولار، مقارنة بالسعر السابق 30.85 جنيه. 

ومن المتوقع أن تواصل أسعار الفائدة تراجعها تدريجياً، إذ تشير التقديرات إلى أن سعر العائد على الإقراض لليلة واحدة قد ينخفض إلى 24.25% بحلول نهاية يونيو 2025، وإلى 17.75% مع نهاية يونيو 2026، بعد أن خفّض البنك المركزي سعر الفائدة لأول مرة منذ 5 سنوات خلال الشهر الجاري.

وتشير التوقعات الاقتصادية لمصر خلال العامين المقبلين إلى تباطؤ محدود في النمو، لكنه يرافقه مؤشرات إيجابية مثل تراجع التضخم، وخفض أسعار الفائدة، وتدفق الاستثمارات الأجنبية. 

وبينما تشكل التوترات التجارية العالمية تحديًا، فإن الإصلاحات الاقتصادية والاتفاقات الدولية قد تمنح الاقتصاد المصري القدرة على التعافي والنمو بثبات في المستقبل القريب.