قصواء الخلالي تكتب: "الخطاب الأمريكي الجديد".. بين القلق من خديعة مصرية
السبت، 05 أبريل 2025 11:36 ص

قصواء الخلالي
قصواء الخلالي
في 22 مارس 2025 - الماضي- كتبت مقالًا تحليليًا رصدت فيه؛ بعد عدة ساعات من إذاعة الحوار الشهير لمبعوث الرئيس الأمريكي ويتكوف، أنّ هذا الحوار كان تغيّرًا جذريًا للخطاب السياسي الأمريكي، ووضعت عنوانه "تحذير أمريكي وإنذار إستراتيجي"، ورأيت الحوار إنذارًا كاشفًا لوجه أمريكي قادم جديد، أكثر تبجّحًا مع مصر والشرق الأوسط، وأن رسالته تحذيرية خبيثة، تكشف عن "غُصّة أمريكية كبيرة" تجاه مصر وموقفها والرئيس السيسي، وأنه ليس حوارًا عشوائيًا؛ بل عمق أمريكي جديد تجاه مصر من أجل إسرائيل.
أمّا ما يلزمنا من تحليل الحوار، فقد كان تلويحًا بالمهددات الداخلية المصرية، وتخويفًا من وقوع انهيار في مصر، وخروج نظام "السيسي" من الحكم، وغيرها من لغة خطاب جديدة، لا تستخدمها دولة تقدّم الشراكة الاستيراتيجية كحل عاجل، أو محل ثقة لعلاج أزمة، وحين ندرك سوابق آلية استخدام أمريكا الحالية "إعلامها ومسئوليها"، في صناعة تخبطات وتوازنات دولية، وأن "ترامب" كان واحدًا من نجاحات مسيرته الشخصية الكبرى هو "استخدامه الجيد للإعلام العكسي"، خلاف ما يتم الترويج له، سنرى الهدف.
أمّا قراءة الواقع فتشي بأن الاتجاه الأمريكي، كان ، وازداد "شحنًا وضغطًا عسكريًا أمريكيًا" لدعم إسرائيل في حربها، تحت ذريعة "ضرب إيران" ومنشآتها النووية، الذي إن حدث لن يأتي عاجلًا أبدًا، وأن هذا "الاستعداد العسكري الأمريكي" من عرض البحر إلى البرّ، يبدو كاستعداد لمؤازرة "إسرائيل" حال تصاعد "الموقف المصري" ضدّها، أكثر منه "تهديدًا لإيران"، وذلك بعد القلق من تحرّكات "الجيش المصري" في سيناء، وصراخ إسرائيل اليومي عبر خطابها السياسي الإعلامي بتفكيك "البنية التحتية" للجيش المصري.
ويأتي تاليًا من هذا الاستعداد العسكري؛ تحقيق الرغبة الأمريكية في "منع الضغط الحوثي" على إسرائيل، وإغلاق هذه الجبهة الضعيفة عليها، عبر إلهاء ممول الحوثيين الأكبر "إيران" في الاستعداد لتحضيرات عسكرية داخلية، وإدراكهم خطورة هذا الدعم الإيراني للحوثي، على استقرار نظام إيران نفسه.
فالإدارة الأمريكية للرئيس "ترامب" التي صنعت بجرأة "أضخم تحوّل اقتصادي" في تاريخ أمريكا العقود الأخيرة، وتخوض حربًا اقتصاديةً هائلة، في محاولة "لإطالة عمر الزعامة الأمريكية على العالم"، استخدمت كلّ أدواتها في ذات التوقيت لتحقيق المصلحة الإسرائيلية عاجلا.
وقد كان في مقدمة هذه الأدوات؛ السياسة، والتواصل السياسي، مثل ما حدث بمكالمة الرئيس الأمريكي "ترامب" للرئيس "عبد الفتاح السيسي" والتي احتوت خطابًا "شديد الخبث" أيضّا، أدركته مصر جيدًا، وقد فهمه المتخصصون من التوصيفات التي نشرها "ترامب" نفسه للمكالمة، واصفًا الحديث بأنًه شمل الاطمئنان على الاستعداد العسكري.
كما تستخدم الإدارة الأمريكية كل وسائلها من "الإعلام والخطاب والاتصال السياسي، والتسريبات أيضًا حاليًا "، للضغط على جميع الأطراف المفاوضة والوسيطة والمعنية، للخضوع السريع للرغبة الأمريكية الإسرائيلية في إخلاء منطقة "غزّة" كاملة من الفلسطينيين، مثل تسريب ما أسموه فضيحة "قطر - جيت"، أو تسريبات أخرى سابقة عن كواليس الموقف العربي، مع استخدام أذرعها إقليميًا في تشويه الدور المصري نفسه.
وتحاول الإدارة الأمريكية التدخل بالتأثير على "المصالح المصرية" مع الأطراف "الدولية"، بجانب استمرار "عروضها الاقتصادية المُغريّة" كي تقبل مصر "مخطط التهجير"، وتسكين جزء من الفلسطينيين في سيناء، مع محاولات صناعة بروباجندا مثل محاولة "الترويج" أن الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المقدمة من الاتحاد الأوروبي لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، هي بداية لدعم تنفيذ التهجير لسيناء، وليست علاقة مصرية أوروبية مرتبطة بملفات أخرى.
هذا كلّه يأتي خاصةً بعد "التصعيد الإسرائيلي الحالي" بعد مسح رفح"، و الاتجاه لتشكيل ممرات التهجير داخل غزة، وخطورة التداخل الإسرائيلي على "محور موراج"، مع محاولة تشكيل واقع جديد، قابل للتنفيذ على "الدولة المصرية"، بدعوى أن سيادة مصر لن تمس، إذا استجابت للتهجير الجزئي، وتصوير "تهجير الفلسطينين" كمصلحة تكفل استقرار الإقليم، وإنقاذ مصر اقتصاديًا، عكس ما تراه مصر.
وعلى هذا، فأنّه مهما كانت "الاتفاقات أو الترتيبات"، فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية "لا تأمن الموقف المصري" أبدًا، وتتوقّع دائمًا "خديعة مصرية"، لصالح الأمن القومي المصري، وتراقب، وتُصنّف، التصرفات المصرية بأنّها "تحجيم لتهجير الفلسطينيين من غزّة إلى أي مكان" حيث ترى "هدف مصر طويل الأمد"، الذي تفاوض وتماطل من أجله، هو الحفاظ على "القضية الفلسطينية" بالكامل، وأن الإدارة المصرية سبق لها خداع نظام "جو بايدن" استخباراتيًا ، كما ترى أن مصر لديها تخوفات من "الحرج الشعبي" للنظام السياسي حال قبول التهجير.
ومن الجانب الآخر فإن إدارة "ترامب" لا تثق في "الجنوح الإسرائيلي"، وتعتبر "نتنياهو" رجلًا قد يؤذي نفسه والأخرين، وترغب في ضمان انتهاء معركته الأخيرة، دون إيقاع "إسرائيل" في أزمة تتسببّ في سحقها، خاصةً بعد فتح جبهة كاملة في الأراضي السورية، في ظلّ صراع سوري داخلي، قد يفسد اتفاقات أمريكا مع "أحمد الشرع" لأسباب خارج إرادته، مع التلويح الأمريكي "بالملف الإيراني"، والضربة العسكرية الأمريكية المُعلّقة على شرط، لتبدو وكأنّها "عصا وجزرة" في آن واحد.
وعليه؛ فإنّ "الخطاب الأمريكي الجديد" بالفعل، هو نذير الشؤم على الإقليم، ويبدو كإشارة الإنطلاق، لبداية "صعود إسرائيلي" غير مسبوق في قصتها التاريخية القصيرة، سواء استطاعت تحقيق أهدافها المعلنة، أو كانت الأهداف الحقيقية شيئًا آخر ستظهره الأيام، وهذا يعود بنا للتأكيد أن "الدعم الكامل للموقف المصري"، والاستعداد السياسي، والاقتصادي، المماثل للاستعداد العسكري المصري، والخطاب الإعلامي المتسق مع هذه الحالة، هو "الملاذ الآمن" لنا، في ظلّ ما يحدث حول مصر، التي تم تطويقها إقليميًا، بترقّب عسكري عدائي، وخراب وطني مؤسسي في دول حدودها، ومخاطر اقتصادية وأمنية، من كلّ الاتجاهات.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
التوكل على الله، مفتاح الرضا والنجاح في الدنيا والآخرة
04 مارس 2025 12:41 ص
الأكثر قراءة
من يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا هذا الموسم؟
-
باريس سان جيرمان
-
أرسنال
-
برشلونة
-
إنتر ميلان
أكثر الكلمات انتشاراً